اعلم تماما بأن هناك الكثيرون لن يعجبهم هذا العنوان نظرا لما يمثله لهم النجم الخلوق محمد ابوتريكة بما هو ابعد من كرة القدم حى بحيث لا يقبلوا عليه اية كلمة حتى ولو كانت حقا ، ولكن دعونا نتفق جميعا بأن هذا هو الواقع ليس لابوتريكة فحسب انما هي سنة الحياه بأن يكون هناك أجيالا تسلم اجيال وتسير الحياه دون النظر للخلف .
فعند معرفتي بما ينويه المدير الفني للمنتخب الوطني السيد حسن شحاتة باصطحاب ابو تريكة معه الى انجولا لخوض غمار الامم الافريقية المقبلة تضايقت بشدة لشعوري بخطأ شديد في هذا القرار وان هذه النية لو تحولت الى فعل فانه سيكون لها تأثير سلبي شديد على المنتخب ليس الآن فقط وانما في المستقبل ايضا .
بالطبع ابو تريكة لاعبا هاما للغاية في تشكيل المنتخب وله تأثير شديد على الفريق بشكل عام داخل الملعب وخارجه ايضا كما انه يمتلك من الشعبية الجارفة ما يرهب الخصوم ايضا ويحسبون لوجوده الف حساب ، ولكن ومع كل ذلك فلا يمكن ان نقضي عليه وان نشعر حتى بيننا وبين انفسنا اننا لن نستطيع فعل شيء من دونه ، ولابد أن يثبت المعلم انه يمتلك من الحلول والخيارات الفنية والتكتيكية ما يعوض اي غياب ويسد اي ثغرة مهما كان حجمها .
وبصراحة شديدة فانني كنت ومازلت من مؤيدي فكرة استغلال بطولة انجولا للشروع في تكوين جيل جديد للمنتخب والبدأ في ضخ الدماء الجديدة في عروقه مع التطعيم فقط ببعض العناصر من الحرس القديم وذلك طالما ان شحاتة مستمر مع الفريق لفترة أخرى ولن يرحل عقب البطولة ولهذا عدد من الأسباب :
أولا : فبالتأكيد وما ليس فيه مجال للشك بأن موقعة 18 نوفمبر المشئومة في ام درمان كانت مباراة نهاية جيل وانه بانتهائها قد وضعت معها صافرة النهاية لمسيرة مجموعة من اللاعبين "دوليا" لأنهم وبالتأكيد لن يكونوا موجودين في 2014 وهي التي لابد وأن نعمل لها من الآن اذا كنا نريد بالفعل التواجد هناك وأن لا نفعل ما اعتادنا عليه دائما ان نتذكر ما علينا فعله في الوقت الضائع .
ثانيا : لقد اكرمنا الله ونجحنا في التتويج باللقب في 2006 و2008 وهو انجاز تاريخي وغير مسبوق وعلى الرغم من طمعنا بالطبع في المزيد إلا انه ان لم يحدث فلن يحزن الشارع المصري على ذلك كثيرا خاصة وان ضياع حلم المونديال قد نفدت معه احزاننا والجميع سيكون متفهما للمرحلة الانتقالية التي يمر بها الفريق
ثالثا : جاء توقيت هذا البطولة مثاليا لأنه عقب التجديد مباشرة وكان على الجهاز الفني ان يثبت بأن نجاحاته ليست معتمدة على مجموعة من الأسماء والتي بنهايتها سينتهي معها وأن لديه الجديد ليقدمه .
رابعا : عدم وجود ارتباطات رسمية او مواعيد هامة للمنتخب قبل عام ونصف تقريبا من الآن مع بداية تصفيات افريقيا 2012 يجعل من هذه البطولة فرصة جيدة لعديد من اللاعبين لاكتساب الخبرة الدولية في المنافسات الكبرى دون ضغوط شديدة عليهم ...
فإن من اهم الأسباب التي خلقت هذه المتعة الغير منتهية لكرة القدم انها دائما متغيرة ومتقلبة ولا تتوقف عن الدوران وان فيها كل يوم جديد وأن طبيعة البشر عموما تحب التغيير والتجديد لذلك وجد الناس فيها ضالتهم وزاد شغفهم بها يوما بعد يوم لترقبهم الدائم للجديد الذي ينتظروه منها غدا وهو ما علينا ادراكه حتى لا نقف عند ما نحن فيه فنجد انفسنا نعود للخلف والعالم كله من حولنا يسير للأمام .
بالطبع لا يمكنني انا أو غيري ان نضع لايو تريكة أو لأي لاعب آخر حدا طالما انه يعطي ويشعر بأنه قادر على تقديم الجديد ولكن في حالة تريكة بالذات كان لابد من الحديث لأن الرجل مصاب وجميع الأطباء اكدوا أنه لن يكون جاهزا في الموعد وأن أية مخاطرة تعني انهاء مشواره الكروي وهذا بالتأكيد ما لا يرضاه أحد ، وهو ما ادهشني من المعلم في الوقت الذي انتظرنا فيه منه الجديد نجده متوقف لا يريد الحراك حتى وان كانت الظروف هي التي اضطرته لهذا الحراك .
لن اعطي لكم كثيرا من الأمثلة ولكن دعونا نتوقف سريعا عند نموذج واحد لمنتخب ظل لفترة تقرب من اربعة سنوات لا يقل تنصنيفه الشهري في الفيفا عن المركز الثالث وكان منتخبا مخيفا لكل منتخبات العالم ويمتلك من الأسماء ما لا يحتويه اكبر منتخبات الدنيا وهو المنتخب التشيكي .
قد يكون هذا المنتخب غير مالك للشعبية الكبيرة ولكن من منا لا يعرف نيدفيد وبيرجر وروزيسكي وبوبورسكي ويانكلوفسكي والعملاق كولر وميلان باروش وغيرهم ، ولكن اين هو المنتخب التشيكي الآن ؟؟
لقد وقع هذا الفريق في فخ الاعتماد على مجموعة واحدة من الأسماء رغم قوتها بالتأكيد الا انه لم يفكر في التجديد وضخ الدماء الشابة وظل واقفا بلا حراك حتى بدأت هذه الأسماء تتساقط واحدا تلو الآخر بفعل الزمن ليتحول المنتخب المرعب الرهيب بين عشية وضحاها الى فريق عادي لا يذكره الكثير ولا يمتلك حتى من النجوم اصحاب الوزن الثقيل سوى الحارس العملاق بيتر تشيك ، حتى انه فشل في الوصول للملحق في التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم على الرغم انه كان في مجموعة تأهل منها سلوفاكيا وسلوفينيا .
هذا النموذج الحي امامنا لابد ان يتوقف عنده المعلم ومعاونيه كثيرا ويأخذوا منه العظة لأنه من اهم سمات النجاح التعلم من اخطاء الآخرين وليس ان انتظر حتى افشل لأعلم ما فعلته وما كان يجب عليً فعله .
كم اتمنى أن تخيب ظنوني وان يكون هناك سيناريو موضوعا من قبل المعلم افضل مما تم سرده الآن وأن تكون له رؤية اعمق من رؤيتي نظرا لأنه يعلم من بواطن الأمور ما يخفى علينا وان يكون جاهزا بمفاجأة سارة جديدة للشعب المصري كما عودنا دائما .
ولكن .. حبنا الشديد للنجم ابوتريكة وخوفنا الشديد عليه اضافة لعدم الرغبة في رؤية منتخبا بحجم منتخبنا الغالي متوقفا على اسماء مهما كانت اهميتها جعلت التذكير بهذه الأمور في غاية الأهمية ،، ورغبتنا الملحة أن نرى جيلا آخر يتسلم الراية من هذا الجيل وهم لا يزالون في قمة مجدهم وعنفوانهم يزيد من هذه الأهمية ، حتى يظل المنتخب دائما وكما عودنا في السنين الأخيرة هو الراعي الرسمي لاسعاد هذا الشعب