لكل الأحداث بوادر ومقدمات، فمنذ موسمين بدأت بوادر التراجع تظهر على أداء فريق الأهلي المصري ، مباشرة عندما أعلن المدرب البرتغالي مانويل جوزيه الرحيل عن القلعة الحمراء، فبدأ الارتباك في الإدارة التي لم تتعود ذلك، وبدأ التخبط في التعاقدات مع اللاعبين وكذلك المدربين ، فكان الاتجاه الأقوى التعاقد مع مدرب أجنبي وتم ذلك بالفعل بالتعاقد مع المدرب البرتغالي فينجادا ، ولكن فجأة اعتذر المدرب لأسباب غامضة لم تكشف حتى الآن. وهنا قررت الإدارة إسناد المهمة إلى المدرب الوطني حسام البدري الذي عمل مع جوزيه طوال الفترة التي قضاها داخل القلعة الحمراء وكان شاهداً على كل الإنجازات والانتصارات وكان الأقرب إلى اللاعبين.
وبدأ البدري مهمته وسط أجواء وظروف يحلم بها أي مدرب وكذلك مساندة إعلامية غير عادية – ليس حباً في البدري ولكن كرهاً في جوزيه- وكانت البداية مثالية حيث ساعدته كل الظروف وأهمها التراجع الكبير لدى منافسيه والمشاكل التي يمر بها الزمالك والإسماعيلي ، وبدأ التهليل والتطبيل للمدرب لدرجة أن بعض الأصوات شبهت تجربة البدري مع الأهلي بتجربة جوارديولا مع برشلونة.
وعندما بدأ المنافسون في العودة في نهاية الموسم الماضي - ولو على استحياء- كان ينكشف أداء الفريق وتظهر قدرات المدرب المتواضعة ورغم ذلك حصل الأهلي على درع الدوري المحلي بسهولة ، ليس عن استحقاق ولكن لضعف المنافسين. وكان اللاعبون عندما يريدون حفظ ماء الوجه يؤدون بجدية تظهر إمكانياتهم وحدث ذلك في مباراة الكأس ضد الزمالك حيث صمم اللاعبون على الفوز وكان لهم ما أرادوا وبمنتهى السهولة، رغم أنه وقبلها بأيام معدودة تعادلوا مع الفريق نفسه بصعوبة بالغة وفي الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، وظهر كذلك في مباراة العودة ضد الاتحاد الليبي ، وبعد نهاية هذه المباراة بالذات شاهد الجميع الدموع التي انهمرت من عيني المدرب ، واستبشر المحبون بأنها دموع الفراق ، ولكن بدأ يظهر التعاطف المغلف بعدم الاقتناع ومن دون قصد كان اللاعبون سبباً رئيسياً في استمرار المدرب ، لأن هناك فجوة كبيرة بين المدرب ولاعبيه، فالفريق يعج بالنجوم والشعور الراسخ لدى الجميع أن إمكانيات اللاعبين تفوق قدرات المدرب الذي يبدو أنه أراد أن يخلغ ثوب أستاذه ويلبس ثوباً جديداً يتقمص به شخصية جديدة مستقلة، وللأسف أفرط المدرب في كمية القماش فكانت النتيجة أن الثوب أكبر من مرتديه.
مع بداية الموسم الجديد ظهر التخبط في التعاقد مع لاعبين نجوم يحتاجون إلى مدرب من نوعية خاصة يتقن فن التعامل مع هذه النوعية، خاصة أن الفريق يشارك في بطولة أفريقيا إلى جانب الدوري المحلي، وازداد التخبط أثناء تسجيل القوائم،فهناك لاعبون قيدوا في القائمة الافريقية على حساب آخرين كانوا الأجدر بالمشاركة، وطبعاً هذا اختصاص المدرب إلا إذا كان هذا المدرب موظفاً أميناً ينفذ التعليمات بكل دقة.
وبالتأكيد كانت البداية مهزوزة محلياً وأفريقياً ، فكل المباريات التي خاضها الفريق خارج الوطن مع أي فريق أفريقي مهما كان تاريخه ومستواه كان يعود بهزيمة، وفي العودة تقف الجماهير الوفية خلف الفريق حتى يتخطى المنافس بفارق هدف فقط ، ويتكرر السيناريو في كل مواجهة إلى أن وصل الفريق إلى الدور قبل النهائي في البطولة الأفريقية . وكان على الفريق خوض مباراتين ضد فريق الترجي التونسي ، وأقيمت المباراة الأولى في القاهرة وأضاع فريق الأهلي الفرصة واكتفى بالفوز بهدفين مقابل هدف ، وهذه أصعب نتيجة تواجه أي فريق سيخوض مباراة الإياب خارج أرضه.
ورغم ذلك ظهر التفاؤل المبالغ فيه من المدرب وجهازه، وبدأوا يذكرون الجميع بسيناريو مباراة الأهلي والصفاقسي قبل سنوات على الملعب نفسه وكانت مهمة الأهلي أصعب ورغم ذلك استطاع الأهلي بقيادة الداهية مانويل جوزيه الفوز والتتويج باللقب بعد أن أدى الفريق مباراة العمر.
لكن يبدو أن المدرب الهمام نسي أنه خلع ثوب أستاذه وتملكه الغرور بأن فريقه لا يقهر ويستطيع أن يكرر السيناريو .. وهنا انكشف المستور وظهرت قدرات المدرب الحقيقية ، ولم يستطع تهيئة لاعبيه لكل السيناريوهات المتوقع حدوثها في مثل هذه المواجهات الحاسمة.
ورغم وقوع بعض الأحداث المعاكسة وأهمها التحكيم الفاضح والأمطار وحالة الطرد المبكر وغيرها من الأمور التي كانت ضد الأهلي ..إلا أن المدرب ذهب إلى تونس ولا يعرف ماذا يريد من المباراة ولم يتذكر أي سيناريو يمكن أن يحدث خلال تلك المواجهات.
والأسئلة التي تفرض نفسها كثيرة ومنها: أين دور المدرب ؟ .. وهل كان يستطيع بركات أن يرتكب هذا الخطأ السازج أيام جوزيه ؟ .. هل هذا هو حسام عاشور الذي نسي أنه لاعب كرة وكان يستحق الطرد المضاعف، بل الطرد النهائي من عالم الكرة ؟ وأين الخبرات التي تغنيتم بها طوال الفترة الماضية؟
وأخيراً.. وبعد انتهاء الامتحان وظهور النتيجة.. هل ستكابر إدارة الأهلي وتعاند كل محبي هذا النادي العريق وتخترع نظام الدور الثاني "الملحق" للموظف الراسب، أم أنها ستتحلى بالشجاعة وتعلنها صراحة: " انتهى الدرس يا بدري"..